باب مقالات
علاقاتنا على وسائل
التواصل الاجتماعي: التسامح والاحترام الرقمي في العراق
ـ أدوات وتوصيات لبناء بيئة رقمية تحترم الآخر
أعدته للنشر: أسماء محمد مصطفى
مقال خاص بـ (حملة ثقافة المحبة والسلام التي انطلقت بالتعاون بين
دار الكتب والوثائق ومجلة سماء الأمير الإلكترونية الرقمية).
في زمنٍ أصبحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي منبراً رئيساً للتعبير
والتواصل، تسللت الكراهية بخفةٍ وخطر، وانتشرت كالنار في الهشيم.
من منشوراتٍ محمّلة بالتحريض، إلى تعليقاتٍ مسمومة تتغذى على
الانقسام، بات الخطاب العدائي مشهداً مألوفاً يهدد القيم التي
طالما تميز بها المجتمع العراقي، كالتسامح والاحترام المتبادل.
وبينما كان يُؤمَل أن تكون هذه الوسائل جسوراً للتقارب، تحوّلت في
كثير من الأحيان إلى ساحات صراع تُغذّي التوتر وتُقوّض أسس
التعا يش.
الأمر الذي يتطلب منا جميعاً التصدي لهذه المنشورات والسلوكيات من
خلال خطوات مدروسة لنشر ثقافة التسامح والاحترام الرقمي في العراق.
وقد طلبنا من مساعد الذكاء الاصطناعي "شات جي بي تي(ChatGPT)،
نموذج الذكاء الاصطناعي من (OpenAI)" تزويدنا بمعلومات عن التحديات
الرقمية التي تواجه قيم التسامح والتعايش والسلام وأهم الأدوات
والتوصيات لتعزيز ثقافة احترام الآخر، وانعكاسات ذلك على المجتمع
العراقي ، فكان هذا المقال الذي تدخلنا في صياغته كي يكون ملائماً
للنشر:
في خضم التحديات التي شهدها العراق خلال العقود الماضية، والتي
تركت آثاراً اجتماعية ونفسية وثقافية عميقة، تبرز الحاجة الملحة
إلى بناء مجتمع متماسك يسوده التفاهم والتعايش والسلام. وفي هذا
المسار، يتجلى دور الإعلام كأداة مركزية وفاعلة في صناعة الوعي،
وتوجيه الرأي العام نحو القيم التي تُعيد ترميم النسيج الاجتماعي،
وعلى رأسها ثقافة المحبة والتسامح والتعايش السلمي.
لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي مجرّد منصات للتسلية أو تبادل
الأخبار، بل أصبحت ساحة يتشكل فيها الرأي العام، وتُبنى فيها
العلاقات، وتُدار فيها الخلافات والنقاشات. ومع هذا التحوّل، تبرز
مسؤولية أخلاقية وثقافية لضمان أن تكون هذه العلاقات الرقمية مبنية
على الاحترام والتسامح، لا على الإساءة والتحيّز.
في العراق، حيث يُعد التنوّع الديني والمذهبي والثقافي عنصراً
أساسياً في النسيج المجتمعي، تصبح ثقافة الاحترام الرقمي ضرورة
وطنية لحماية وحدة المجتمع وتعزيز أواصر المحبة والتعايش.
التحديات الرقمية في المجتمع العراقي
يواجه المجتمع العراقي العديد من التحديات الرقمية، منها:
ـ خطاب الكراهية والتحيّز الطائفي، إذ أنّ مواقع التواصل الاجتماعي
تنفجر في بعض الأحيان بخطابات تستحضر الانقسام، وتنشر الكراهية
باسم الدين أو الطائفة أو العِرق، مما يؤدي إلى تكريس الانقسامات
وزيادة الاحتقان.
ـ الابتزاز الرقمي والتنمّر الإلكتروني، حيث يتعرض العديد من
الشبان، وخاصة الفتيات، إلى تهديدات أو تنمّر أو انتهاك للخصوصية،
ما ينعكس على الصحة النفسية والثقة الذاتية.
ـ التضليل الإعلامي والشائعات، الذي يتسبب في نشر معلومات غير
دقيقة أو مفبركة، لاسيما وقت الأزمات، مما يزرع الشك والخوف ويعطّل
الاستجابات المجتمعية الواعية.
ـ الفراغ القانوني أو ضعف المتابعة، فعلى الرغم من وجود قوانين،
إلّا أن التطبيق الفعلي والتثقيف القانوني الرقمي لا يزال ضعيفاً،
مما يُبقي المسيئين دون محاسبة كافية.
أدوات لبناء بيئة رقمية تحترم الآخر
أمام هذه التحديات لابد من الإشارة إلى الأدوات الفاعلة لبناء بيئة
رقمية قائمة على احترام الآخر، ومنها:
ـ رفع مستوى الوعي الرقمي من خلال نشر الثقافة الرقمية منذ المراحل
المدرسية.
ـ إقامة دورات في "أخلاقيات الإنترنت" عبر المدارس والجامعات
ومنظمات المجتمع المدني.
ـ القيام بمبادرات إلكترونية إيجابية.
ـ إطلاق حملات على الهاشتاغات (مثلاً: #احترم_أختلافك،
#تسامح_رقمي)، كما هو الحال مع "حملة ثقافة المحبة والسلام" التي
تنفذها دار الكتب والوثائق بالتعاون مع مجلة سماء الأمير.
ـ نشر محتويات تشاركي يشجع على الحوار الهادئ وتقبل الرأي الآخر.
ـ تشجيع الإبلاغ والتبليغ، وتعريف الناس بطرق الإبلاغ عن
الانتهاكات.
تفعيل دور المؤسسات الحكومية (مثل وزارة الداخلية أو هيئة الإعلام)
في التفاعل مع البلاغات.
ـ تمكين الفئات الهشة، ويتضمن دعم الفتيات والمراهقين في مواجهة
التنمّر الرقمي، وتوفير دعم نفسي وقانوني مجاني لمن يتعرض للإساءة
الإلكترونية.
توصيات عملية لتعزيز الاحترام والتسامح الرقمي
تقودنا الأدوات الفاعلة لتحقيق السلام الرقمي إلى التوصيات العملية
التي تعزز ذلك، وتتمثل بدمج مبادئ الاحترام في التربية الإعلامية
المدرسية، وتشجيع النشطاء وصناع المحتوى على اعتماد خطاب غير عنيف،
وإصدار مدوّنة سلوك رقمية عراقية تُكتب بلغة مبسطة ويوقّع عليها
المؤثرون والمنصات، وتنظيم مهرجانات رقمية ومسابقات تدوينية حول
"السلام الرقمي"، وبناء شراكات بين الإعلام الرقمي والجامعات لنشر
بحوث عن التأثير المجتمعي للأخلاقيات الرقمية.
كيف ينعكس الاحترام الرقمي على المجتمع العراقي؟
يؤدي الاحترام الرقمي إلى خفض مستوى التوتر المجتمعي الناتج عن
الاصطفاف والتحريض، ويشجع على نشر الثقة الاجتماعية، حين يشعر
المستخدم أنه آمن ومسموع، تنمو الثقة بالنقاش والتفاعل، ويشجع
المواهب والمبادرات البناءة بدلاً عن كتم الأفكار خوفاً من السخرية
أو الإساءة، كما يسهم الاحترام الرقمي في دعم السلم الأهلي، إذ
ينتقل الوعي الرقمي إلى الواقع، فيصبح التعامل الواقعي أكثر رحمة
وقبولاً.
ختاماً
التسامح الرقمي ليس ترفاً، بل ضرورة في العراق المعاصر، حيث
المستقبل يصنعه جيل يعيش بين الشاشات ويتنفس من شبكات الإنترنت. إن
غرس أخلاق الاحترام في الفضاء الإلكتروني يعني أننا نحمي مستقبل
التعايش، ونحفظ كرامة الإنسان، ونجعل من ثقافة المحبة مشروعاً
يومياً ملموساً.
|